این سوره چهل و پنج آیت است. صد و سى و نه کلمه، هفتصد و پنجاه و سه حرف جمله مکى است، به مکه فرو آمده باتفاق مفسران. و درین سوره ناسخ و منسوخ نیست. و فی الخبر عن ابى بن کعب قال: قال رسول الله (ص): من قرأ سورة «النازعات» لم یکن حبسه فی القبر الا کقدر الصلاة المکتوبة حتى یدخل الجنة.


قوله تعالى: و النازعات غرْقا قال بعض المفسرین: ان القسم واقع برب هذه المذکورات، و قیل: لا بل اقسم الله تعالى بذلک للتنبیه على موقع العبرة فیه، اذ القسم یدل على عظم شأن المقسم به و له جل جلاله ان ینهى عباده عن القسم بالمخلوقات، فان له ان یتعبد عباده بما شاء و اختلفوا فی المراد بهذه الکلمات. فقال بعضهم: المراد باجمعها الملائکة لانهم ینزعون نفوس بنى آدم باغراق کما یغرق النازع فی القوس فیبلغ بها غایة المد. و الغرق بدل من الاغراق. و قیل: معناه «و النازعات» نفسا غرقت «غرقا». قال ابن مسعود: یرید انفس الکفار ینزعها ملک الموت من اجسادهم من تحت کل شعرة و من تحت الاظافیر و اصول القدمین، ثم یفرقها فی جسده بعد ما ینزعها حتى اذا کادت تخرج ردها فی جسده، فهذا عمله فی الکفار.


و قال سعید بن جبیر: نزعت ارواحهم ثم غرقت ثم حرقت ثم قذف بها فی النار.


و قیل: یرى الکافر نفسه فی وقت النزع کانها تغرق. و قال مقاتل: ملک الموت و اعوانه ینزعون روح الکافر کما ینزع السفود الکثیر الشعب من الصوف المبتل، فتخرج نفسه کالغریق فی الماء.


و الناشطات نشْطا قال ابن عباس: هم الملائکة ینشطون نفوس المومنین برفق و سهولة مشتق من قول العرب نشطت الدلو اذا اخرجتها من البئر، و قیل: مشتق من الانشوطة و هی العقدة یمد احد طرفیها فتنحل خلاف المبرم، یعنى: الملائکة تنشط نفس المومن اى تحل حلا رفیقا فتقبضها کما ینشط العقال من ید البعیر اذا حل عنها و هذا یقتضى المنشطات. و حملها بعضهم على نشط، اى بادر الى الشى‏ء فرحا به.


و هذا یقتضى و الناشطات نشْطا یعنى: نفس المومن عند الموت تنشط للخروج و ذلک انه لیس من مومن یحضره الموت الا عرضت علیه الجنة قبل ان یموت، فیرى فیها اشباها من اهله و ازواجه من الحور العین فهم یدعونه الیها فنفسه الیهم، نشطة ان تخرج فتأتیهم.


و السابحات سبْحا هم الملائکة یقبضون ارواح المومنین کالذى یسبح فی الماء فاحیانا ینفس و احیانا یرتفع یسلونها سلا رفیقا: ثم یدعونها حتى تستریح کالسابح بالشی‏ء فی الماء یرفق به و قیل: هم الملائکة ینزلون من السماء الى الارض مسرعین کما یقال للفرس الجواد: سابح اذا اسرع فی جریه.


فالسابقات سبْقا هى الملائکة تسبق بارواح المومنین الى الجنة. و قیل: تسبق الى ما امره الله.


فالْمدبرات أمْرا هى الملائکة: جبرئیل على الوحى و العذاب، و میکائیل على المطر و النبات و الارزاق، و اسرافیل على الصور و اللوح و حمل رکن من ارکان العرش، و ملک الموت على قبض الارواح. و عطف فالسابقات فالْمدبرات بالفاء لما فیهما من معنى التعقیب، اى تسبح فتسبق فتدبر و حمل هذه المذکورات على الملائکة قول على و ابن عباس و ابن مسعود. و قال الحسن و قتادة: المراد بها النجوم. و النازعات غرْقا هى النجوم تنزع من مشارقها حتى تغرق فی مغاربها فی عین حمئة.


و الناشطات نشْطا هى النجوم السیارة تنشط من افق الى افق اى تذهب یقال حمار ناشط ینشط من بلد الى بلد. و یقال للبقر الوحش نواشط لانها تذهب من موضع الى موضع.


و السابحات سبْحا هى النجوم فی فلک یسبحون.


فالسابقات سبْقا هى النجوم تسبق بعضا بعضا فی الطلوع و الغروب و اما فالْمدبرات أمْرا فهم الملائکة على ما بیناه لا غیر، هذه اقسام محذوفة الموضع، و لکن دل ما بعدها انها على تثبیت قیام الساعة. قال الزجاج: جواب القسم فیه مضمر. تقدیره لتبعثن یدل علیه قوله بعده: أ إذا کنا عظاما نخرة. و قیل: جواب القسم. قوله: إن فی ذلک لعبْرة لمنْ یخْشى‏.


یوْم ترْجف الراجفة زلزلة الساعة ترجف الارض فتلفظ من فیها ثم تتْبعها الرادفة فتدعى کل امة الى کتابها و تنادى کل نفس باسمها فتساق الى حسابها. و قیل: «الراجفة» النفخة الاولى التى تموت لها الخلائق.


تتْبعها الرادفة اى النفخة الثانیة التى تبعث عندها الخلائق و بینهما اربعون سنة. و قال قتادة. هما صیحتان فالاولى تمیت کل شی‏ء، و الأخرى تحیى کل شی‏ء باذن الله عز و جل. و قال مجاهد: ترجف الراجفة تتزلزل الارض و الجبال.


تتْبعها الرادفة حتى تنشق السماء و تحمل الارض و الجبال «فدکتا دکة واحدة» و قال عطاء: «الراجفة»: القیامة و «الرادفة»: البعث، و الراجفة الصوت و الحرکة السریعة الشدیدة. و فی الخبر عن ابى بن کعب قال: کان رسول الله (ص) اذا ذهب ربع اللیل، قام و قال: «یا ایها الناس اذکروا الله، اذکروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة. جاءت الموت بما فیه، جاءت الموت بما فیه».


قلوب یوْمئذ واجفة نکر القلوب، و المراد بها قلوب الکافرین و المنافقین.


و معنى واجفة اى قلقة مضطربة خائفة جدا، الوجیف و الرجیف خفقان القلب، یقال: وجف القلب یجف وجفا و وجیفا و وجوفا و وجفانا. و قال السدى: زائلة عن اماکنها کقوله: إذ الْقلوب لدى الْحناجر.


أبْصارها خاشعة ذلیلة، کقوله: خاشعین من الذل، و قال فی موضع: «خشعا أبْصارهمْ» و الهاء راجعة الى الانفس التى فیها القلوب.


یقولون اى هولاء یقولون و هم قریش أ إنا لمرْدودون فی الْحافرة أ إذا کنا عظاما نخرة یعنى: اذا قیل لمنکرى البعث: انکم مبعوثون من بعد الموت یقولون أ إنا لمرْدودون فی الْحافرة أ إذا کنا عظاما نخرة اى الى اول الحال و ابتداء الامر فنصیر احیاء بعد الموت کما کنا قبل مماتنا تقول العرب: رجع فلان فی حافرته، اى رجع الى حیث جاء و الحافرة عندهم اسم لابتداء الشى‏ء و اول الشى‏ء.


و قیل: الحافرة الارض التى حفرت فیها قبورهم فتکون بمعنى المحفورة کماء دافق اى مدفوق، و عیشة راضیة اى مرضیة معناه: ائنا لمردودون الى الحیاة بعد ما بلینا فی القبور. و قیل «الْحافرة» وجه الارض اى انا نرد الى وجه الارض قالوه استبعادا لها و سمى وجه الارض حافرة لانها مستقر الحوافر.


أ إذا کنا عظاما نخرة قرأ نافع و ابن عامر و الکسائى و یعقوب: ائنا بالاستفهام، اذا على الخبر بضده ابو جعفر و الباقون بالاستفهام فیهما جمیعا. و قرأ حمزة و الکسائى و ابو بکر: «عظاما ناخرة» و قرأ الآخرون «نخرة» و هما لغتان مثل الطمع و الطامع و الحذر و الحاذر و معنا هما البالیة و قیل: بینهما فرق فالنخرة البالیة و الناخرة الجوفاء. یقول العرب: نخر نخیرا بالفتح اذا صوت و نخر بالکسر اذا بلى.


«قالوا» یعنى المنکرین تلْک إذا کرة خاسرة یعنى لئن رددنا الى اول الامر بعد کوننا عظاما نخرة فهى کرة خاسرة فیها و علیها، قالوها طنزا و استنکارا للبعث و الکرة الرجعة اى رجعة ذات خسران کما یقال تجارة رائحة اى ذات ریح ثم اخبر تعالى عن سهولة البعث علیه فقال: فإنما هی زجْرة واحدة اى صیحة واحدة و هی الرادفة: یعنى: النفخة الثانیة. فإذا همْ بالساهرة اى على وجه الارض و هى ارض المحشر: اى: صاروا على وجه الارض بعد ما کانوا فی جوفها. قال سفیان: هى ارض الشام، و قال ابن عباس: انها ارض من فضة بیضاء لم یعص الله سبحانه علیها قط خلقها یومئذ و ذلک قوله: «یوْم تبدل الْأرْض غیْر الْأرْض». و قیل: هى ارض مکة و قیل: هى اسم من اسماء جهنم. و قیل: سمیت «ساهرة» لانهم اذا اتوها سهروا سهرا لا ینامون بعدها قط فنسب السهر الى الارض اى لا نوم علیها لانهم یسهرون علیها کما یقال لیل نائم. قوله تعالى: هلْ أتاک حدیث موسى‏ قال الحسن: اعلام من الله سبحانه لرسوله (ص) حدیث موسى کقول الرجل لصاحبه هل بلغک ما لقى اهل البلد و هو یعلم انه لم یبلغه و انما قال ذلک لیخبره به.


إذْ ناداه ربه بالْواد الْمقدس المطهر المبارک من ناحیة الشام طوى مرفوعة الطاء و مکسورتها منونة و غیر منونه، اسم ذلک الوادى و قیل: معنى طوى مرتین، اى قدس ذلک الوادى مرتین بتکلیم الله عز و جل موسى (ع) و قیل: طوى معدول عن طاو فلذلک منع الصرف و ذلک لانه مر به موسى (ع) لیلا فطواه. قرأ عاصم و حمزة و الکسائى: طوى بالتنوین و الباقون بغیر تنوین.


اذْهبْ إلى‏ فرْعوْن إنه طغى‏ علا و تکبر و تجاوز الحد فی الکفر و الفساد.


فقلْ هلْ لک إلى‏ أنْ تزکى قرأ نافع و ابن کثیر و یعقوب: «تزکى» بتشدید الزاى اى تتزکى و تتطهر من الشرک. و قرأ الآخرون بالتخفیف اى تسلم و تصلح. قال ابن عباس: معناه: تشهد ان لا اله الا الله. و قیل: التزکى طلب الزکاء و الزکاء النمو فی الخیر. و قیل هل لک میل و حاجة الى ان تصیر زاکیا طاهرا عن العیب و الدنس بترک العصیان و الرجوع الى الله.


و أهْدیک إلى‏ ربک فتخْشى‏ اى ادعوک الى عبادة ربک و توحیده فتخشى عقابه.


فأراه الْآیة الْکبْرى‏ یعنى: فذهب و دعاه الى التوحید فطالبه بالحجة فأراه الْآیة الْکبْرى‏ و هى العصا و قیل: الید البیضاء و قیل: جمیع الآیات التى بعث بها و یحتمل ان فاعل «فأراه» هو الله لانقطاع الکلام الاول.


«فکذب» فرعون موسى «و عصى‏» الله و لم یطعه.


ثم أدْبر یسْعى‏ اى تولى و اعرض عن الایمان «یسْعى‏» اى یعمل بالفساد فی الارض.


«فحشر» اى جمع قومه و جنوده. و قیل: حشر السحرة یوم الزینة «فنادى‏» لما اجتمعوا بصوت رفیع أنا ربکم الْأعْلى‏ فلا رب فوقى. و قیل: اراد ان الاصنام ارباب و انا ربها و ربکم. قال: هذه الکلمة یوم حشر السحرة بعد ما قال ما علمت لکم من آله غیرى باربعین سنة. فقیل لموسى: انک انت «الاعلى».


فأخذه الله نکال الْآخرة و الْأولى‏ یعنى: نکال الکلمة الاولى و الکلمة الأخرى، فالاولى قوله: «ما علمْت لکمْ منْ إله غیْری» و الأخرى قوله: أنا ربکم الْأعْلى‏. و قال الحسن و قتادة: عاقبه الله فجعله نکال الْآخرة و الْأولى‏ فی الدنیا و الآخرة.


فی الدنیا بالغرق و فی الآخرة بالنار.


إن فی ذلک لعبْرة اى ان فی اهلاکنا فرعون لعظة «لمنْ یخْشى‏» الله سبحانه و یخاف ان یحل به مثل ذلک لو عصى. ثم رجع الى الکلام على منکرى البعث فقال: «أ أنْتمْ» استفهام على جهة التوبیخ و التقریع «أ أنْتمْ» ایها المنکرون البعث اصعب ان تخلقوا فی تقدیرکم «أم السماء» بعظمها و کثرة اجزائها فمن قدر على خلقها قدر على اعادتکم و انشائکم و خلق السماوات و الارض اکبر من خلق الناس ثم ابتدا فی وصف السماء فقال: «بناها».


«رفع سمْکها» اى سقفها «فسواها» جعلها مستویة و اجزاءها متلائمة لا شقوق فیها و لا فطور.


«و أغْطش لیْلها» اى اظلم لیلها، و الغطش: الظلمة، و الاغطش: الذى لا یبصر «و أخْرج ضحاها» اى نهارها وضوها باخراج الشمس عن مغیبها و اضافهما الى السماء لان الظلمة و النور کلاهما ینزل من السماء.


و الْأرْض بعْد ذلک دحاها اى بسطها و الدحو البسط دحا و طحا واحد.


قال ابن عباس: خلق الارض باقواتها من غیر ان یدحوها قبل السماء «ثم اسْتوى‏ إلى السماء فسواهن سبْع سماوات» ثم دحا الارض بعد ذلک.


و قال ابن عباس و ابن عمر: خلق الله الکعبة و وضعها على الماء على اربعة ارکان قبل ان یخلق الدنیا بالفى عام ثم دحیت الارض من تحت البیت. و قیل دحوها: من بیت المقدس. و قیل: معناه: و الارض مع ذلک دحاها کقوله: «عتل بعْد ذلک زنیم» اى مع ذلک. و فی بعض الاخبار عن النبی (ص) قال: لما اراد الله تعالى دحى الارض نزل ببطن وج فدحیها و دحیها ان اجرى فیها الانهار و خلق فیها الاشجار وارسى فیها الجبال‏ و هو قوله: و الْأرْض بعْد ذلک دحاها أخْرج منْها ماءها و مرْعاها و الْجبال أرْساها ثم صعد من الصخرة. قوله: أخْرج منْها ماءها و مرْعاها هذا من جوامع الکلم فی غایة الحسن فان کل ما یخرج من الارض و ینتفع به العباد من ماء الارض و مرعیها حتى الملح و النار، فان الملح من الماء و النار من العود. و قیل: جمیع المایعات تحت قوله: «ماءها» و جمیع ما ینتفع به الحیوانات داخلة تحت قوله «و مرْعاها» و قیل: المرعى یعم الاشجار و الثمار و الزرع و انواع العشب، و قیل: هو موضع الرعى.


و الْجبال أرْساها اى اثبتها متاعا لکمْ و لأنْعامکمْ اى فعل جمیع ذلک متاعا لکم فیکون منصوبا على انه مفعول له. قوله: فإذا جاءت الطامة الْکبْرى‏ اى الصیحة التى تطم على کل شی‏ء و هی الصیحة التى یقع عندها البعث و الحساب و العقاب. قال الحسن و الزجاج: هى النفخة الثانیة التى فیها البعث و قامت القیامة و سمیت القیامة طامة، لانها تطم على کل هائلة من الامور فتعلو فوقها و تعمر ما سواها. و الطم البحر لانه یغمر کل شی‏ء و الطامة عند العرب الداهیة التى لا تستطاع و انما اخذت من قولهم: طم الفرس طمیما اذا استفرغ جهده فی الجرى.


یوْم یتذکر الْإنْسان ما سعى‏ اى یذکره الله جمیع ما عمله فی الدنیا من خیر و شر فیتذکر، و قیل: یذکره کتاب الحفظة.


و برزت الْجحیم لمنْ یرى‏ اى اظهرت للناظرین فرا و ها بعد ان کانوا یسمعون بها. قال مقاتل: یکشف عنها الغطاء فینظر الیها الخلق کلهم.


فأما منْ طغى‏ اى جاوز الحده فی کفره و آثر الْحیاة الدنْیا فلم یسع الا لها.


فإن الْجحیم هی الْمأْوى‏ اى فمأویه الجحیم.


و أما منْ خاف مقام ربه اى مقامه بین یدى ربه یوم القیامة.


و نهى النفْس عن الْهوى‏ اى زجرها عن مخالفة امر الله و عن المحارم التى تشتهیها. قال مقاتل: هو الرجل یهم بالمعصیة فیذکر مقامه للحساب فیترکها.


فإن الْجنة هی الْمأْوى‏ اى فمصیره الجنة. قیل: نزلت هذه الآیة فی مصعب بن عمیر هاجر و حضر بدرا و معه رایة النبی (ص) و شهد احدا و وقى النبی (ص) بنفسه حین افترق عنه الناس حتى نفذت الشماقص و هی السهام فی جوفه.


فلما رآه النبی (ص) متشحطا بدمه قال: عند الله احتسبک، و قال لاصحابه: لقد رأیته بمکه و علیه بردان ما یعرف قیمتهما و ان شراک نعلیه من ذهب و قد آمن بالله و هاجر و دعاه حب الله الى ما ترون یعنى قتل، و لم یکن له کفن. و کان رسول الله (ص) اذا اهتدیت الیه هدیة حباها لمصعب بن عمیر و هو الذى وجهه یوم العقبة قبل الهجرة یعلمهم القرآن و هو اول من جمع الصلوات بالمدینة. و اما قوله تعالى: فأما منْ طغى‏ و آثر الْحیاة الدنْیا فإن الْجحیم هی الْمأْوى‏ نزل فی اخیه عامر بن عمیر قتله اخوه مصعب یوم بدر. قوله: یسْئلونک عن الساعة أیان مرْساها سأل مشرکو مکة رسول الله (ص) متى تکون الساعة؟ استهزاء! فنزلت هذه الآیة: أیان مرْساها اى متى ظهورها و قیامها؟


الارساء الاثبات رساء الشی‏ء اذا ثبت و المرسى مصدر تأویله متى ایان ارسائها.


فیم أنْت منْ ذکْراها متصل بالسوال و تقدیره یسْئلونک عن الساعة أیان مرْساها و یقولون این أنْت منْ ذکْراها. ثم استأنف فقال: إلى‏ ربک منْتهاها و قیل: معناه فیم یسألک المشرکون عنها و لست تدرى متى قیامها حتى تجیبهم عنها اى انک تعلم انها تقوم و لکن لا تعلم متى تقوم و یروى عن یعقوب: الوقف على فیم کانه جعلها متصلة بالسوال. ثم ابتدا فقال: «أنْت منْ ذکْراها» اى انت من اشراطها، کقوله صلى الله علیه و سلم: «بعثت انا و الساعة کهاتین».


و قرئ فی الشواذ و انه لعلم الساعة على هذا المعنى.


إلى‏ ربک منْتهاها اى منتهى علمها عند الله کقوله: «عنْده علْم الساعة» إنما أنْت منْذر منْ یخْشاها اى یعلمها فیخاف شدائدها کقوله: و الذین آمنوا مشْفقون منْها.


کأنهمْ یوْم یروْنها لمْ یلْبثوا إلا عشیة اى قدر عشیة من ایام الدنیا «أوْ ضحاها» تلک العشیة یعنى فی علمهم فی انفسهم یعاین اهل الجنة یوم القیامة نعیمها فینسون اذى الدنیا و محنها. فیقال لهم: «کمْ لبثْتمْ فی الْأرْض»؟ «فیقولون یوْما أوْ بعْض یوْم» و یعاین اهل النار یوم القیامة شدتها و عظم شأنها فینسون نعیم الدنیا و زینتها. فیقال لهم: «کمْ لبثْتمْ فی الْأرْض»؟


«فیقولون یوْما أوْ بعْض یوْم» حتى یقول قائلهم ساعة من نهار. یقولون ذلک لطول لبثهم فی القیامة فبالاضافة الى تلک المدة «یقولون لبثْنا یوْما أوْ بعْض یوْم» و الضحى اسم لما بین اشراق الشمس الى استواء النهار ثم هى عشى الى الغداة.